المغرب تحت نظام الحماية
مقدمة:
وقع المغرب تحت وقع الضغوط الاستعمارية للقرن التاسع عشر في فخ الحماية، إلا أنه حاول مواجهتها بمقاومة قبلية مسلحة، فما هي ظروف فرض الحماية على المغرب؟ وما هي آليات نظام الحماية وأجهزتها الإدارية؟ وما أهم المقاومات المغربية المسلحة ضد الحماية؟
المقطع الأول: ظروف فرض الحماية على المغرب:
أولا: الظروف الخارجية لفرض الحماية على المغرب:
الضغوط الاستعمارية والتنافس الإمبريالي على المغرب؛
حيث تعرض المغرب لهزيمتين أمام فرنسا في معركة إيسلي 1844 وأمام إسبانيا في حرب تطوان 1859-1860، وتنامي الحماية الفردية (القنصلية) مع مؤتمر مدريد 1880
توقيع فرنسا لاتفاقيات ثنائية سرية للاستفراد بالمغرب:
1902 مع إيطاليا (ليبيا مقابل المغرب) و 1904 مع إنجلترا (مصر مقابل المغرب) ومع إسبانيا (تقسيم المغرب) و 1911 مع ألمانيا (الكونجو مقابل المغرب).
الصراع الفرنسي / الألماني حول المغرب؛
أزمة 1905 حيث زار ملك ألمانيا غليوم الثاني طنجة وألقى فيها خطابا أعلن فيه كون المغرب بلدا مستقلا، وأزمة أكادير 1911 حيث أرسلت ألمانيا بارجة. حربية قبالة سواحل أكادير رفضا للتدخل العسكري الفرنسي، حلت الأزمة بالاتفاق الودي 1911
التوغل العسكري الفرنسي:
1907 احتلال وجدة والدار البيضاء و 1911 حصار فاس وقمع المظاهرات والاحتجاجات بالقوة العسكرية.
1912 توقيع معاهدة الحماية يوم 30 مارس بفاس (معاهدة فاس).
ثانيا: الظروف الداخلية لفرض الحماية على المغرب:
الظروف السياسية:
ضعف السلطة السياسية المركزية بعد وفاة السلطان الحسن الأول وبعده بست سنوات وفاة الحاجب باحماد، وتولى الحكم سلاطين صغار وضعاف ليست لهم خبرة، كما قامت ثورات وتمردات أشهرها تمرد الجيلالي الزرهوني الملقب ببوحمارة وثورات الشريف الريسوني والكتاني...
الظروف الاقتصادية:
توالت سنوات الجفاف وهجمات الجراد والمجاعة كما تزايد حجم الديون على المغرب وفرضت عدة ضرائب كالمكوس والأعشار والترتيب العزيزي وارتفاع عدد المحميين فتراجعت خزائن الدولة واستحواذ الفرنسيين والإنجليز والإسبان على اقتصاد المغرب...
الظروف الاجتماعية: حيث تفكك المجتمع المغربي بفعل التفاوت الطبقي وتزايد المحميين واستشراء الفساد والنزاعات القبلية واشتد الفقر والمجاعة وظهرت القلاقل والاحتجاجات ضد الإتاوات والضرائب الغير شرعية. وبذلك ضعف المغرب ما يسر عملية احتلاله وفرض توقيع معاهدة الحماية عليه.
المقطع الثاني: مناطق احتلال المغرب وأجهزة الحماية:
أولا: مناطق النفوذ بالمغرب منذ فرض الحماية عليه:
منطقة طنجة الدولية:
يسيرها مجلس القناصل يرأسه أحد القناصل بالتناوب.
منطقة النفوذ الفرنسي:
وتسمى المنطقة السلطانية نسبة للسلطان الذي كان يمثل الإدارة المخزنية في هذه المنطقة وكانت وسط المغرب. منطقة النفوذ الإسباني: وتسمى المنطقة الخليفية نسبة لخليفة السلطان الذي كان ينوب عن الملك ممثلا للإدارة المخزنية بهذه المنطقة وكانت شمال وجنوب المغرب.
ثانيا: أجهزة إدارة الحماية في المغرب:
أجهزة إدارة الحماية الفرنسية:
يرأسها المقيم العام )ممثل فرنسا بالمغرب( يساعده مستشار الحكومة الشريفية )يشرف على ما له صله بالحكومة الشريفية )المخزنية(( إلى جانب حكومة الحماية الفرنسية وتضم مركزيا الأمن والاقتصاد والميزانية والبريد والتلغراف والتلفون أما جهويا فتشمل ممثلين جهويين يشرفون على القياد والباشوات والشيوخ. يقابلها على مستوى المغرب إدارة مخزنية أو شريفية يرأسها السلطان يساعده الصدر الأعظم ووزير العدلية ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.
أجهزة إدارة الحماية الإسبانية:
يرأسها مركزيا مندوب سامي )ممثل إسبانيا( يشرف على وزارات المالية والحربية والاقتصاد والغابات أما جهويا فيرأسها مراقب جهوي يشرف على الباشوات والقياد. أما السلطات الشريفية فيرأسها خليفة السلطان يساعده القاضي ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. كانت سلطات الحماية حقيقية ومهمة وشمولية مقابل سلطات صورية ومحدودة للإدارة المخزنية.
المقطع الثالث: المقاومة المسلحة ضد نظام الحماية وأسباب فشلها:
أولا: المقاومة المسلحة بالقبائل المغربية:
مقاومة الريف:
قادها محمد بن عبد الكريم الخطابي، انتصر في معركة أنوال 1921، لكنه استسلم عام 1926 بعد اتحاد القوات الفرنسية والإسبانية وضربها للمدنيين باستخدام أسلحة فتاكة وسامة ومحظورة دوليا.
مقاومة الأطلس المتوسط:
تزعمها موحى أوحمو الزياني هزم فرنسا في معركة الهري 1914 نواحي خنيفرة لكنه استسلم بعد قصف المدنيين واستشهد سنة 1921
مقاومة الأطلس الكبير والصغير:
بقيادة عسو أوبسلام خاض معركة شرسة ضد الفرنسيين في معركة بوغافر 1933 استسلم بعد اعتداء الفرنسيين على المدنيين واستغلال مجموعة من الخونة.
مقاومة الجنوب والصحراء:
بريادة أحمد الهيبة ومربيه ربه والشيخ ماء العينين ألحق خسائر فادحة. بالمستعمر وتقدم إلى حدود نواحي مراكش حيث انهزم في معركة سيدي بوعثمان 1912
ثانيا: أسباب توقف المقاومة القبلية المسلحة:
توقفت المقاومة المسلحة بالقبائل سنة 1934 بفعل دور العملاء والخونة الذين ساعدوا الاحتلال ضد المغاربة، والتفوق العسكري الفرنسي والإسباني على المغاربة بتوفرهم على أسلحة فتاكة من طائرات وبنادق وقنابل سامة... بل استعملوا أسلحة محظورة كقنابل الغازات السامة وضربهم للمدنيين ما أجبر المقاومين على الاستسلام، كما تم التنسيق والتعاون بين قوات الاستعمار في حين غاب هذا التنسيق بين المقاومين المغاربة لأسباب جغرافية وتقنية.
خاتمة:
حاول الاستعمار الفرنسي والإسباني بعد توقف المقاومة المسلحة، استنزاف خيرات المغرب، إلا أن المغاربة سيدشنون منذ 1930 المقاومة السياسية للمستعمر.
تعليقات